عن جابر بن عبد
الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قبل موته بثلاث قال لا يموت أحدكم
إلا وهو يحسن الظن بالله * ( صحيح ) _ الأحكام 3 : وأخرجه مسلم .
واليوم
سأقص عليكم قصة واقعية حدثت لأخ لنا في الله أعرفه معرفة شخصية وأحب أولا أن أقول
لكم أن هذا الشخص هو شخص عادي جدا يؤدي فرائض ربه كملايين المسلمين في العالم وليس
في عبادته مايميزه عن غيره بل قد أراه مقصرا في بعض الأمور غير أني ألاحظ دائما أنه
يحسن الظن بالله وحتى لا أطيل عليكم سأبدأ في سرد قصته:
سأبدأ قصته من بدأ
معرفتي به في محل العمل فهو كما قلت يؤدي فرائض ربه كغيره من ملايين المسلمين ومن
ضمن هذه الفرائض إتقان ما يكلف به من أعمال بصرف النظر عن ضعف الراتب وكان دائما
يقول أن إتقان العمل جزء من الوفاء بالعهد وأن المسلمين عند شروطهم. وقد كان صديقي
هذا غير متزوج في هذا الوقت فهو من أسرة متوسطة كملايين الأسر المصرية التي تكد
وتتعب لتعليم وتربية أولادها ولكنها لاتملك فضل مال لمساعدة الأبناء على أعباء
الزواج غير أننا فوجئنا به في يوم يزف إلينا خبر زواجه ولما لاحظ علامات الدهشة
والإستغراب على وجوهنا بادرنا قائلا إنه قد إستدان ثمن الشبكة وأنه سيرد هذا الدين
قريبا بإذن الله فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ثلاثة حق على الله عونهم
الناكح الذي يريد العفاف والمكاتب الذي يريد الأداء - أي العبد الذي يريد أن يحرر
رقبته ببذل مقدار من المال يكاتب عليه سيده - والغازي في سبيل الله " ثم قال فأنا
إثنين من هؤلاء ثم أردف ضاحكا إن لم أكن الثلاثة معا وقد صدق حسن ظن صديقي بالله عز
وجل فلم يمر وقت طويل حتى أكرمه الله ببعثة إلي الخارج إستطاع من خلالها توفير
مصاريف الزواج وأكرمه الله بإتمام الزواج وأكرمه الله بزوجة صالحة مؤمنة كانت تعمل
مدرسة وتساعده في مصاريف البيت ولكنها في أحد الأيام جاءت إلى صديقى وقالت له إنها
تريد لبس النقاب إمتثالا لأوامر الله تعالى فرحب بذلك وشجعها على ذلك غير أنها بدأت
تقابل الكثير من الصعاب في محل عملها خاصة وأن النقاب لم يكن منتشرا في مصر في هذه
الأيام وقد كثرت شكواها إليه من مشاكل العمل وأنها تريد ترك العمل ورغم ضآلة راتبه
فقد قال لها رزقي ورزقك على الله ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه وقد صدق حسن
ظن صديقي بالله عز وجل مرة ثانية فلم يمر وقت طويل حتى أكرمه الله بترقية في عمله
وفرت لهما أكثر مما كان يدر عليهم راتب الزوجة وقد عاشا سويا في فضل من الله
ونعمة.
غير أن صديقي كان مشغول دائما بتأخر إنجاب زوجته فقد مرت السنون ولم
يكرمه الله بالإنجاب على الرغم من إستنفاذهما جميع السبل الطبية المتاحة وكثرة
ترددهم على الأطباء غير أن الله لحكمة يعلمها سبحانه لم يقدر لهما إنجاب الذرية رغم
شوقه و تعلق قلبه بالذرية حتى أن زوجته الصالحة المؤمنة المحتسبة طلبت منه الزواج
بأخرى غير أنه رفض قائلا إن خير متاع الدنيا الزوجة الصالحة وقد أكرمه الله بها
وسلم أمره لله قائلا إذا لم يقدر الله لي أن يكون لي طفل من صلبي فليكن جميع أيتام
المسلمين أبنائي وقرر إستقطاع جزء ثابت من راتبه الشهري لأحد دور الأيتام ومرت
السنون بصديقي وزوجته وبعد سبع سنوات فوجئ بزوجته تخبره والفرحة لاتسعها أنها حامل
ولم يصدق صديقي أذنيه وخر ساجدا لله ثم أسرع بزوجته للطبيبة والتي أكدت له
الخبر.
ولم أرى صديقي أحسن منه حالا في هذه الأيام فقد كانت قسمات وجهه تنطق
بالسعادة متمنيا أن يطوى الزمان ليستقبل طفله بين يديه, وبعد خمسة أشهر من الحمل
ذهب بزوجته للطبيبة لمتابعة الحمل ولكن الطبيبة أرتسم على وجهها علامة غريبة أثارت
شكوكه فسألها ماالخبر وكان نبأ نزل على صديقي وزوجته كالصاعقة إن الجنين غير مكتمل
النمو وأنه بعد تسعة أشهر سيولد هذا الطفل ميتا ولم يصدق صديقي أذنيه وذهب بزوجته
إلى أكثر من طبيب ولكنهم جميعا أكدوا له صحة التشخيص وأسقط في يد الرجل ولم يدري ما
يفعل هل يكمل الحمل على ما فيه من الم بدني ونفسي له ولزوجته أم يسقطه كما أشار
عليه بعض الأطباء غير أنه ترك أمره لله وذهب للجنة الفتوى في الأزهر ليسأل عن حكم
الشرع في هذه الحالة والتي أجابته بأنه لايجوز لهما إنزال الجنين رغم تأكيد الأطباء
بعدم جدوى الأستمرار وقد إمتثل صديقي لأوامر الله محتسبا صبره لله قائلا لله الأمر
من قبل ومن بعد اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها.
ومرت الأيام
بصديقي وزوجته طويلة طويلة كأنها لاتمر وفي الوقت المحدد ذهبا للطبيب الذي أخبرهما
أن هذه الحالة لا تصلح معها الولادة الطبيعية وأنه لابد من إجراء جراحة قيصرية
لإخراج الجنين فسلما أمرهما لله ووافقا على ذلك وبعد ساعة خرج الطبيب من غرفة
العمليات معلنا إنتهاء المهمة.
دخل صديقي إلى زوجته وقبل جبهتها مهنئا على
سلامتها ثم عمد إلي طفله الذي ولد ميتا فقبله ثم غسله وكفنه وأطلق عليه إسم محمد ثم
صلى عليه وحمله بين ذراعيه وذهب لدفنه ودموعه تسيل على خديه ولسانه لايفتر من قول
"لله الأمر من قبل ومن بعد اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها اللهم اكتب لي
بها أجر الصابرين"
وقد صدق حسن ظن صديقي بالله عز وجل مرة أخرى فلم يمر شهر
واحد على هذا الحدث حتى أكرمه الله مرة أخرى بحمل زوجته وبعد تسعة أشهر وفي آخر شهر
رمضان وفي ليلة عيد الفطر أكرمه الله بحمل أول أطفاله بين يديه
ومازلت أري
صديقى دائم حسن الظن بالله ودائما ما أري فضل الله وكرمه عليه.
اللهم ارزقنا
حسن التوكل عليك وحسن الظن بك